- 03 Nov 2020
- منوعات
- 1114 Reads
المُعَوّقِون مِنَ الإسْلامِيين
د. ولاء رفاعي سرور
"قد يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا ۖ وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا "الأحزاب آية 18.
وردت هذه الآية في سورة الأحزاب.. تلك السورة التي تحدثت عن اجتماع مشركي الأرض على إبادة المسلمين وإنهاء الإسلام!!
وهو الحدث الذي استنفر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مسلم وخاطب فيه نخوته وحميته معلناً أنه إما نصر لدين الله، وإما انتهاك لبلاد المسلمين وأعراضهم ...
ومع كل هذا أثبت القرآن وجودَ المعوقين في الوسط المسلم حين قال: ( منكم) مِن أبناء التيار الإسلامي المحسوبين على المسلمين مَن يعوق مسيرة الرشد والفهم بين المسلمين بعد أن بينت لهم الأحداث بقدر الله صحة الطريق ...
تنزل النوازل بالمسلمين ، تزلزل كيانهم ، ترج أركانهم ليفيقوا بعدها : ( ما نحن فيه لأننا انحرفنا عن الطريق الصحيح ، وها نحن أدركنا الخطأ ونبدأ في السعي لتصحيح المسار وها هو طوق النجاة ...)
وإذ بفئة ربما كتب الله عليها التيه وأبت إلا أن تأخذ في طريقها، وتجرف قدر المستطاع من أبناء المسلمين لذلك التيه ؛ لتتكلم عن محاكم دولية وملفات تقدم للأمم متحدة، وشكاوى مرفوعة لمجلس الأمن... يظنون بها خيرا لنيل الحقوق وما هو إلا وسيلة لإعاقة المسار عن الطريق ....
فقط لأنهم معوقون
_يحدث خطأ جسيم من إحدى الجماعات يطعن عقيدة الولاء والبراء في مقتل، يميع الثوابت، ويذيب المفاصلة ، ويهدم أسساً وضعها الله لنا كي تحافظ على كيان المسلمين من الانزلاق في متاهات العمالة والخيانة واختلاط الحق بالباطل؛ فإذا ما صرخ صارخ أين الولاء والبراء؟! أين المفاصلة؟! لمَ التنازل في دين الله؟! لِمَ تحيدون عن الطريق وقد متعكم الله بعزه سنوات؟!
هنا تظهر الشعارات الرنانة من المعوقين: لا تشقوا الصف، لا تضيعوا تاريخ نضال سنوات أمام حدث مع أن هذا الحدث نفسه هو السكين الذي يذبح به ذلك النضال
يكمل المعوقون: لا تنظروا بسطحية للأمور.. هم أدرى منكم بما يفعلوه) مع أن النظرة التي يرونها سطحية منصوص عليها بالقرآن والسنة وإجماع المسلمين وهم يدركون ذلك جيدا ...إلا أنهم معوقون !!
_تنتهك مقدسات المسلمين، فيثور شجاع قد رزق الحمية لدينه ويبدي فعلاً أبسط ما يقال عنه أنه (رد فعل طبيعي ومنطقي)؛ ليستيقظ المعوقون منددين بفعله بعد أن كانوا سباتاً حال انتهاك المقدسات.
يرون في فعله مبرراً لما سيقوم به أعداء الإسلام، ولو لم يكونوا عميا لرأوا أن الأعداء قد قاموا بالفعل منذ مئات السنين ويقومون وسيقومون حتى قيام الساعة.. لا يحتاجون لمبرر لكن يرى المعوقون في كل شجاعة جريرة ...فقط لأنهم معوقون !!
__انتهاك حرمات، وعمليات تصفية، وأسْر بالسنوات الطوال يشرد على إثرها أطفال وتهدم بيوت، ثم تجد فئة تائهة وسط فتاوى تافهة تشغل بها المسلمين وتدخل بهم في دوامات من الجدال والسفسطة القميئة كحرمة قيادة المرأة للسيارة، ووجوب إحضار خادم للزوجة، وحكم شرب الدخان والشيشة للنساء، وغيرها من الفتاوى التي لا تمت بصلة لواقع المسلمين الأليم، يستترون بها تحت راية " اعتزال الصراع السلطوي" وما هم إلا أداة رخيصة فى أيدي طاغية استخدمهم لإشغال الناس عن مواجهته وإسقاطه بعد أن درس نفسياتهم الخبيثة وجبنهم، وأدرك أنهم يصلحون وبجدارة لأن يكونوا معوقين .
"أشِحَّةً عَلَيْكُمْ"
أنفسهم أصحاب مقولة شق الصف هم أكثر الناس تفريقاً بين جماعات المسلمين؛ فبعض أبناء المسلمين عندهم أولى بالخير من البعض ، يكفيك أن تختلف معهم في المنهج أو يزل لسانك فتنتقد فعلاً من أفعالهم .. أنت حينها لا تستحق أن ينفق عليك من صدقات المسلمين.. أنت لا تستحق أن تنال أي خير دنيوي يناله من هم في مثل سنك وحالك من أبنائهم ممن هم تحت رايتهم طوعاً أو كرهاً تحت القهر المادي والمعنوي ..
بكل صراحة لأنك _كما يرونك _ تجلب بأفكارك ومعتقداتك الويلات والمصائب، لأنك في نظرهم تهدم ما بنوه وما حصلوه من مكتسبات .. تلك المكتسبات التي حصلوها وما زالوا يحصلونها على حساب العقيدة ..
هم يدركون جيدا أنَّ الضيق المادي الذي يمر به أي مسلم يعوقه عن العمل لدين الله، فما انشغل الفرد بعياله إلا وأخذ ذلك من ذهنه وطاقته .. هم يدركون أنَّ المسلم لو أحس باكتفاء مادي يكفيه ويكفي من يعول سينطلق بكل طاقته وقوته نحو العمل .. ومع ذلك هم أشحة على من عارضهم ...فقط لأنهم معوقون !!
"فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ"
أي حدث من شأنه أن يسترد جزءا يسيرا من حقوق المسلمين ، أي حدث ترفع به رؤوس مستضعفة؛ يتبعه منهم خوف وذعر مصحوباً بتيار من التحليلات والتفسيرات التي تهدف في النهاية لإلصاق الحدث بغير رجاله ..هذا هو ظاهر التحليل ، أما الحقيقة غير المعلنة فهو التبرؤ من الحدث ذاته جبناً وخوفاً وذعراً تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت، وكأنهم يقولون (لسنا رجال ولا يوجد أيضا في الوسط رجال) .!
هم يصرون على الندب فقط، هم أصحاب نظرية المظلومية والنواح، أما أي حدث من شأنه محو الهزيمة النفسية عن المسلمين ورفع الروح المعنوية للمسلمين ...هم يسارعون بالنفي والتبرؤ ....فقط لأنهم معوقون !!
فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ
سلاطة اللسان المعهودة على كل مخالف .. وكأنه لا علاج ولا دواء لذلك اللسان السليط مهما أظهرت الأحداث صحة المخالف وصواب رأيه!!
الألسنة الحداد التي تُدخل المسلمين في معارك جانبية تشغلهم عن العدو الأصلي ومصائب المسلمين الأساسية..
يشغلون المسلمين بتفاهات وصغائر معارك، يدافعون عن باطل، وليت الدفاع بأدب المسلم اذا اختلف المنهج، ولكنهم يتفننون في استفزاز وإثارة غيظ غيرهم من المسلمين فتشتعل نيران لن يستفيد منها إلا أعداء المسلمين ..فقط لأنهم معوقون !
أشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ۚ "
وكيف يرجى منهم خير وهم سبب تأخر المسلمين عن كل خير ، وكيف يرجى الخير وهم سبب كل إعاقة وعرقلة تصحح المسار وتنقي المنهج!! وكيف يرجى منهم الخير وهم يؤخرون ما أراد الله ورسوله أن يقدّم!! وكيف يرجى منهم الخير وهم يصرون رغم الطوام والأحداث والبلايا التي تحط فوق رؤوس المسلمين أن يكونوا معوقين ..
أُولَٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا.
نسأل الله العافية والسلامة