هل يحق للزوجة أن تمتنع عن خدمة بيت زوجها

هل يحق للزوجة أن تمتنع عن خدمة بيت زوجها

وهل لها أن ترفض تحضير الطعام لأهله وضيوفه

 

د. هاني السباعي

 

سأل سائل فاضل سؤالاً هذا نصه:  "سؤال للدكتور هاني السباعي هل يحق للزوجة أن تمتنع عن عمل البيت؟ وألا تلبي طلب زوجها في تحضير الطعام لضيف زاره؟ أفيدونا أفادكم الله"أهـ

 

الجواب

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد.

أقول وبالله التوفق: هذا سؤال مكرور قديم حديث؛ أطل برأسه بقوة في الحقبة العلمانية، وصار حديث بيوتات وجمعيات نسوية لها ضجيج وعجيج معتمدة على قوة السلطات المحلية والعالمية! وقد استجاب لهذا الصراخ النسوي!؛ بعض الشيوخ أنصار فتوى تحت الطلب! وتحت قهر الواقع المرير، وتسلط اللادينيين على مقاليد الحكم، والإعلام في العالم الإسلامي طفقت تلكم العمائم؛ تنبش في أضابير الفتاوى، ونشرها عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي؛ مما أحدث بلبلة وشرخاً في بنيان بعض الأسر الإسلامية! فازداد الشقاق بين الأزواج، وارتفعت حالات الطلاق! ولا حول ولا قوة إلا بالله.

على أية حال أستعرض جوابي عبر هذه المسائل:

 

المسألة الأولى

حكم خدمة الزوجة لزوجها

 

هناك رأيان: الرأي الأول يرى وجوب خدمة المرأة لزوجها. والرأي الثاني: لا يرى وجوب خدمة المرأة لزوجها وهو قول الشافعية، وقول للحنفية، وبعض المالكية، وقول أهل الظاهر.

 

أما الرأي الأول: وجوب خدمة المرأة لزوجها:

يرى جمهور من السلف والخلف، وبعض المالكية، وبعض الحنابلة، وقول للحنفية، وأبو ثور، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو إسحاق الجوزجاني، وابن تيمية، ابن القيم، وغيرهم على وجوب خدمة المرأة لزوجها في الأعمال داخل البيت التي جرت العادة بقيام الزوجة بمثلها.  

أدلة القائلين بوجوب خدمة المرأة لزوجها:

 

الدليل الأول:  حديث على وفاطمة رضي الله عنهما في صحيح البخاري: "أنَّ فَاطِمَةَ عليها السَّلَامُ أتَتِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَشْكُو إلَيْهِ ما تَلْقَى في يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، وبَلَغَهَا أنَّه جَاءَهُ رَقِيقٌ، فَلَمْ تُصَادِفْهُ، فَذَكَرَتْ ذلكَ لِعَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ أخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، قالَ: فَجَاءَنَا وقدْ أخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا نَقُومُ، فَقالَ: علَى مَكَانِكُما فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِي وبيْنَهَا، حتَّى وجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ علَى بَطْنِي، فَقالَ: ألَا أدُلُّكُما علَى خَيْرٍ ممَّا سَأَلْتُمَا؟ إذَا أخَذْتُما مَضَاجِعَكُما - أوْ أوَيْتُما إلى فِرَاشِكُما - فَسَبِّحَا ثَلَاثًا وثَلَاثِينَ، واحْمَدَا ثَلَاثًا وثَلَاثِينَ، وكَبِّرَا أرْبَعًا وثَلَاثِينَ، فَهو خَيْرٌ لَكُما مِن خَادِمٍ"أهـ

وجه الاستدلال: أن السيدة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهي بضعة منه، وفضلها على سائر النساء معلوم،  ورغم ذلك كانت تخدم في بيت زوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ تطحن الحبوب بالرحى، ومعلوم أن الرحى حجران كبيران ينطبقان على بعضهما في وسطهما محور، فكانت رضي الله عنها تطحن الحبوب يومياً حتى تعبت يداها؛ فشكت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرسل لها خادما من السبي ليطحن بدلاً عنها، فأجابها الرسول صلى الله وسلم بما ورد في الحديث من تعليمها تسبيح الله تعالى، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم باع هذا السبي لينتفع من هو أفقر منها رضي الله عنها. فلم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: اخدم نفسك مثلاً ينبغي أن تشاركها الخدمة! أو ابنتي لا يجب أن تقوم بخدمة البيت!! لم يرد هذا ولو في حديث موضوع!

 

الدليل الثاني: حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها في الصحيحين البخاري وسلم:

"تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وما له في الأرْضِ مِن مالٍ ولا مَمْلُوكٍ، ولا شَيءٍ؛ غيرَ ناضِحٍ وغَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أعْلِفُ فَرَسَهُ، وأَسْتَقِي الماءَ، وأَخْرِزُ غَرْبَهُ، وأَعْجِنُ، ولَمْ أكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، وكانَ يَخْبِزُ جاراتٌ لي مِنَ الأنْصارِ، وكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وكُنْتُ أنْقُلُ النَّوَى مِن أرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتي أقْطَعَهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى رَأْسِي، وهي مِنِّي علَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا والنَّوَى علَى رَأْسِي، فَلَقِيتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومعهُ نَفَرٌ مِنَ الأنْصارِ، فَدَعانِي، ثُمَّ قالَ: إخْ إخْ؛ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فاسْتَحْيَيْتُ أنْ أَسِيرَ مع الرِّجالِ، وذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وغَيْرَتَهُ، وكانَ أغْيَرَ النَّاسِ، فَعَرَفَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنِّي قَدِ اسْتَحْيَيْتُ، فَمَضَى، فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلتُ: لَقِيَنِي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعلَى رَأْسِي النَّوَى، ومعهُ نَفَرٌ مِن أصْحابِهِ، فأناخَ لِأرْكَبَ، فاسْتَحْيَيْتُ منه وعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ، فقالَ: واللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كانَ أشَدَّ عَلَيَّ مِن رُكُوبِكِ معهُ، قالَتْ: حتَّى أرْسَلَ إلَيَّ أبو بَكْرٍ بَعْدَ ذلكَ بخادِمٍ تَكْفِينِي سِياسَةَ الفَرَسِ، فَكَأنَّما أعْتَقَنِي"أهـ

وجه الاستدلال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما رأى أسماء تحمل العلف فوق رأسها؛ لم يقل لزوجها الزبير بن العوام؛ هذا ظلم، ولا يجب أن تخدمك زوجتك في بيتها من عجين وطبيخ وكنس وغسل وعلف لفرسك!!

 

ومن الأدلة المستنبطة من القرآن والسنة أيضاً:

الدليل الثالث: قال تعالى في محكم التنزيل: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) البقرة الآية 228.

وجه الاستدلال: أن المعروف هو أن خدمة المرأة لزوجها، وليس العكس في عرف من نزل القرآن في عصرهم. كما ذكر هذا الوجه ابن القيم في زاد المعاد سنذكره لا حقاً.

الدليل الرابع: قوله تعالى: (الرجال قوامون على النساء) النساء الآية 34.

وجه الاستدلال: أن مقتضى القوامة من الرجل على المرأة أن تخدمه فإذا ظل يخدمها فالقوامة صارت لها!!

 

الدليل الخامس: حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولو أن رجلا أمر امرأته أن تنقل من جبل أحمر إلى جبل أسود، ومن جبل أسود إلى جبل أحمر لكان نولها أن تفعل. (أي عليها أن تفعل)"أهـ مسند الإمام أحمد بسند صحيح.

وجه الاستدلال: هذا الحديث يدل على عظم حق الرجل على امرأته؛ فكيف تمتنع عمداًعن خدمة البيت وهي ليست مريضة؟!

 

الدليل السابع: في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال لها يا عاشئة هلمي المدية، فاشحذيها بحجر"أهـ

وجه الاستدلال:  من هذه الرواية ومما استفاض من السيرة النبوية الصحيحة أن نساء النبي كن يخدمن رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

 

أقوال بعض أهل العلم:

ذكر مفتى الأندلس ومحدثها ابن فرج القرطبي الشهير بابن الطلاع المتوفى 490هـ: "في "الواضحة": حكم النبي صلى الله عليه وسلم بين على بن أبى طالب رضي الله عنه ، وبين زوجته فاطمة رضي الله عنها حين اشتكيا إليه الخدمة ، فحكم على فاطمة بالخدمة الباطنة، خدمة البيت، وحكم على علي بالخدمة الظاهرة.  قال ابن حبيب: والخدمة الباطنة: العجين، والطبخ، والفرش، وكنس البيت، واستقاء الماء، وعمل البيت كله"أهـ ابن الطلاع: أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ تحقيق محمد وهيثم نزار تميم ـ طار الأرقم بيروت ـ عام 1418هـ ـ ط1 ص85).

وممن قال بالوجوب شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله:

يرى ابن تيمية أن خدمة الزوج تجب على المرأة بالمعروف من مثلها لمثله.

قال في الفتاوى: "وتنازع العلماء هل عليها أن تخدمه في مثل فراش المنزل ومناولة الطعام والشراب والخبز والطحن والطعام لمماليكه وبهائمه مثل علف دابته ونحو لك. فمنهم من قال لا تجب الخدمة، وهذا القول ضعيف كضعف قول من قال لا تجب عليه العشرة والوطء؛ فهذا ليس معاشرة له بالمعروف، بل الصاحب في السفر الذي هو نظير الإنسان وصاحبه في السكن إن لم يعاونه على مصلحة لم يكن قد عاشره بالمعروف. وقيل وهو الصواب: وجوب الخدمة فإن الزوج هو سيدها في كتاب الله وهي عانية عنده بسنة رسوله، وعلى العاني والعبد الخدمة، ولأن ذلك هو المعروف."أهـ الفتاوى: ج 34 ص90.

 

الرأي الثاني: لخصه ورد عليه العلامة ابن القيم في زاده:

قال في الزاد تحت عنوان: " في حكم النبي صلى الله عليه وسلم في خدمة المرأة لزوجها. وصح عن أسماء أنها قالت : كنت أخدم الزبير خدمة البيت كله، وكان له فرس وكنت أسوسه، وكنت أحتش له، وأقوم عليه. وصح عنها أنها كانت تعلف فرسه، وتسقى الماء، وتخرز الدلو وتعجن، وتنقل النوى على رأسها من أرض له على ثلثي فرسخ. فاختلف الفقهاء في ذلك، فأوجب طائفة من السلف والخلف خدمتها له في مصالح البيت، وقال أبو ثور: عليها أن تخدم زوجها في كل شيء .

ومنعت طائفة وجوب خدمته عليها في شيء، وممن ذهب إلى ذلك مالك، والشافعي، وأبو حنيفة، وأهل الظاهر، قالوا: لأن عقد النكاح إنما اقتضى الاستمتاع، لا الاستخدام وبذل المنافع، قالوا: والأحاديث المذكورة إنما تدل على التطوع ومكارم الأخلاق، فأين الوجوب منها ؟"أهـ زاد المعاد ـ تحقيق الأرناؤوط ـ مؤسسة الرسالة ـ سنة 1418ـ ط2ـ ج5 ص 170.

ونقل ابن القيم الرد على من يقولون بعدم الوجوب:

قال: "واحتج من أوجب الخدمة بأن هذا هو المعروف عند من خاطبهم الله سبحانه بكلامه، وأما ترفيه المرأة، وخدمة الزوج، وكنسه، وطحنه، وعجنه، وغسيله، وفرشه، وقيامه بخدمة البيت، فمن المنكر، والله تعالى يقول: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) البقرة/228 ، وقال: (الرجال قوامون على النساء) النساء/34، وإذا لم تخدمه المرأة، بل يكون هو الخادم لها، فهي القوامة عليه."أهـ زاد المعاد ص171.

أقول: وجه الاستدلال: أن المعروف عند نزول الوحي أن تخدم المرأة زوجها وهذا هو المعروف المحمود شرعاً. أما أن يطبخ الرجل ويكنس ويغسل مع وجوب نفقة الزوجة وكسورتها وأجرة المنزل عليه شرعاً؛ فصار هو الخادم لها، وصارت هي القيم وليس هو!! وبالطبع هذا من المنكر!.

ويقول ابن القيم: "وأيضا: فإن المهر في مقابلة البضع، وكل من الزوجين يقضي وطره من صاحبه، فإنما أوجب الله سبحانه نفقتها وكسوتها ومسكنها في مقابلة استمتاعه بها وخدمتها، وما جرت به عادة الأزواج."أهـ زاد المعاد ص171.

ويزيد ابن القيم: "وأيضا : فإن العقود المطلقة إنما تنزّل على العرف، والعرف خدمة المرأة، وقيامها بمصالح البيت الداخلة، وقولهم : إن خدمة فاطمة وأسماء كانت تبرعا وإحسانا يردّه أن فاطمة كانت تشتكى ما تلقى من الخدمة، فلم يقل لعلى: لا خدمة عليها، وإنما هي عليك، وهو صلى الله عليه وسلم لا يحابى في الحكم أحدا، ولما رأى أسماء والعلف على رأسها، والزبير معه، لم يقل له: لا خدمة عليها، وإن هذا ظلم لها، بل أقره على استخدامها، وأقر سائر أصحابه على استخدام أزواجهم مع علمه بأن منهن الكارهة والراضية، هذا أمر لا ريب فيه"أهـ. زاد المعاد ص171.

ويختم ابن القيم قائلاً: "ولا يصح التفريق بين شريفة ودنيئة، وفقيرة وغنية، فهذه أشرف نساء العالمين كانت تخدم زوجها، وجاءته صلى الله عليه وسلم تشكو إليه الخدمة، فلم يُشُكها، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المرأة عانية، فقال: (اتقوا الله في النساء، فإنهن عوانٍ عندكم)، والعانى: الأسير، ومرتبة الأسير خدمة من هو تحت يده(..) ولا يخفى على المنصف الراجح من المذهبين، والأقوى من الدليلين " أهـ زاد المعاد  بتصرف يسيرـ ص 171.

أقول: كلام العلامة ابن القيم رحمه الله واضح بوجوب خدمة المرأة لزوجها.

 

المسألة الثانية

علاج الزوج لزوجته المريضة

 

وأتساءل: هؤلاء الذين يحتجون برأي الجمهور؛ بعدم وجوب خدمة المرأة لزوجها: لماذا لا يأخذون برأي الجمهور أيضاً بعدم وجوب نفقة علاج الزوج لزوجته إذا مرضت!. وتعليل الجمهور لذلك أنه ليس حاجة أساسية!!

أقول: ماذا عسى أنصار "دكاكين الحقوق النسوية" اللائي وسوس لهن عمائم الانبطاح العقدي؛ بقول الجمهور أن يقولوا!! فهل من الدين والمروءة؛ أن يرسل الرجل زوجته لأهلها ليعالجوها ويدفعوا أجرة الطبيب أو نفقات المستشفى! وهل هذا زواج قائم على الحب والمودة والرحمة والسكينة أم شركة مصنوعات بلاستيكية؟!

فهل من العدل والإحسان وحسن العشرة أن يستمتع الزوج بزوجته حال صحتها!، ولا يلتزم بنفقة علاج زوجته إذا مرضت؟!

 

المسألة الثالثة

هل يجب على الزوجة أن تخدم أهله وضيوفه

 

أقول باختصارلا يجب على الزوجة أن تخدم أهل الزوج وضيوفه، لكن عدم خدمة أهل الزوج قد يؤدي غالباً إلى تقطيع الأرحام قال تعالى (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) سورة محمد الآية 22. وومعلوم أن قطع الرحم كبيرة من الكبائر، فسداً لهذه الذريعة، يكره أن تتعمد الزوجة عدم خدمة أهل الزوج، إذا كانوا في زيارة ولم يكونوا مقيمين إقامة دائمة! فمن باب الكرم كما في الصحيحين من حديث أبي هرير رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه"أهـ.. أقول هذا في الضيف الغريب فمن باب أولى إكرام أهل الزوج.

 

صفوة القول

 

بعد هذا التطواف أقول الرأي المختار الذي أراه أنه يجب على الزوجة أن تخدم زوجها بالمعروف، والمقصود بالمعروف أي العرف الجاري في البلد، والعرف الجاري على مثيلاتها، وعسر الزوج ويسره فإذا كان من الاغنياء واشترطت عليه في عقد الزواج أن يأتي لها بخادمة؛ فلها ذلك إن كانت اشترطت في العقد. أما غير ذلك فواجب عليها خدمة زوجها كما ذكرنا آنفاً، مع التنبيه على الزوج أن يراعي ظروف زوجته الصحية وألا يشق عليها. وأما ما ينقل عن بعض الفقهاء بعدم الوجوب فإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

وعلى أية حال فخدمة الزوجة لزوجها من عدل الإسلام، وليس بظلم لها، وحاشا لشريعة الرحمن وهدي النبي صلى الله عليه ظلم المرأة. والذي لا يعجبه ذلك فقد جرى العرف بخدمة الزوجة لزوجها؛ من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، والصحابة الكرام، والتابعين، وجميع الممالك الإسلامية إلى عهد قريب حتى أطلت فتنة "دكاكين الحقوق النسوية"! التي توحشت فيها الزوجة على زوجها! مستندة إلى ترسانة من قوانين الأسرة التي ما أنزل الله بها من سلطان!.

 وأقول أيضاً: للذين يقولون بعدم وجوب خدمة المرأة لزوجها؛ فمآل دعواهم عزوف الشباب عن الزواج، بالإضافة إلى تخريب بنيان الأسرة الإسلامية، وتصدعها، وارتفاع حالات الطلاق كما هو معلوم في وقتنا المعاصر. .  

وأما بالنسبة لخدمة المرأة لأهل زوجها وضيوفه فليس بواجب، وإن كان يكره لها ذلك لأنه سيؤدي إلى تقطيع الارحام.

وبالنسبة لحكم علاج الزوج لزوجته أرى أنه يجب على الزوج علاج زوجته المريضة ودفع نفقات علاجها عند الطبيب أو في المستشفى. والله أعلم.

نسأل الله العظيم أن يحفظ عوائل المسلمين من كيد الكائدين ومكر الماكرين. 

 

تاريخ 21 شوال 1443هـ ـ 22 مايو 2022